يقول تشارلز داروين
الشخص الذي يتجرأ بأن يهدر ساعة واحدة من وقته،،، فهو من لم يكتشف قيمة الحياة
قول قوي وصارم ويحمل في مضمونه معنى عميق
الحياة عبارة عن معادلة بسيطة جداً ألا وهي:
الحياة تساوي الوقت.. وهو الشئ الوحيد الذي أعطي لكل شخص بالتساوي من غير ظلم أو
تفرقة، حيث أن وقتنا ينتهي عندما نفارق هذه الحياة وبما أننا لا نعلم متى سنفارق هذه
الحياة لذا فإنها متساوية لدى الكل لحين توافينا المنية.. فكم من شخص وافته المنية
وهو في ريعان شبابه ولكنه ترك إرثا لأجيال وقرون وكم من شيبٍ داعب قرن بأكمله
بتعميره في الأرض وليس بإعماره لها ولم يترك إرثا لجيل سواء كان ذلك بعلمٍ يُنتفع
به أو صدقةٍ جارية تفيد غيره وتكون له رحمة يوم القيامة.. فهذا أبو قاسم الشابي
توفي وهو ذو خمسٌ وعشرون ربيعا وترك شعراً تسمع صداه في أرجاء تونس بالنشيد الوطني وتسمع صدى شعره في اليمن وليبيا ومصر وغيرها من دول الربيع العربي.
وهذا تشي جيفارا قُتِلَ وهو في التاسع والثلاثين من عمره وأصبح شعارا للثورة
للعالم كله.. وهذا ستيف جوبز مات وهو في الخامس والخمسين من عمره واستطاع أن يؤثر
على العالم كله بطريقة أو بأخرى بمنتجات شركة آبل سواء كان ذلك في تغيير مسار
الهواتف النقالة وغيرها
ويؤسفني أن أرى كيف أننا نتفنن ونبدع في
صناعة أكبر علم من سعف النخيل كي نباهي به أمام العالم أننا وطنيون ونحتفل بالعيد
الوطني على أجمل وجه... ويؤسفني أيضا أن أرى كيف يُستهلك الوقت (أرجو أن
نتذكر قول داروين) والمال والجهد أيضا كي نخيط أكبر علم كي نعلقه على سفح الجبل
بمساعدة أجهزة الدولة.. وهل الوطنية تنحصر حول صناعة أو خياطة أكبر علم؟ ماذا
سنفيد العالم بصناعة أكبر علم؟ بينما العالم يتوجه نحو اكتشافات جديدة وفيلكس يحطم
الأرقام القياسية تجدنا نحن العرب الذي لطالما تتملكنا عقدة النقص ننتقد فيلكس
ونرسل الرسائل المضحكة ظاهرا والمبكية باطنا لأنها تعكس ثقافتنا.. بينما تجد البعض
وبدأ يسخر من نيوتن وأن فيلكس حطم قوانين نيوتن وأثبت خطأه، مع أنها معلومة خاطئة
وفيلكس لم يثبت خطأ أي نظرية من نظريات نيوتن ولكنه على العكس استخدمها كي يخطط لقفزته
مذّكراً أن نيوتن توفي في زمن غابر خالٍ من الطائرات وها نحن نفرح لاحتمالية اثبات
خطؤه بعد مئات السنين من قِبلِ رجلٍ قفز من على ارتفاع 36 كيلو واخترق سرعة الصوت
وانتقالا بزماننا اليوم، وبينما الأمة تواجه
المحن ابتداءً بسوريا مروراً بغزة وفلسطين عبوراً بمصر وباقي الدول العربية، ونحن
هاهنا نستهلك المال والوقت والجهد لصناعة أكبر علم.. اللاجئون السوريون تتراوح
أعدادهم ما بين 300 إلى 400 ألف ما بين تركيا ولبنان والأردن ويواجهون برد الشتاء
وهم في أمس الحاجة إلى من يتبرع لهم ببطانية بقيمة 4 ريالات تقيهم برد الشتاء ونحن نتباهى بخياطة الأعلام... الغزاويين الذين كانوا قبيل أيام فقط يواجهون القصف
والحظر والتهميش وها نحن نفكّر ونجتهد بحل معضلة تعليق أكبر علم على سفح جبل
تساؤلات مرت على خاطري قبل سويعة أرجو ألا
أكون قد أهدرتها في ما هو مشين عسى أن تكون نقطة بدء للقارئ بأن يكون صاحب رسالة
أو قضية نبيلة يكرس بها وقته وجهده كي يترك بصمة للعالم، وإلا صرفنا أوقاتنا في
تبادل رسائل الواتس آب ما بين ’متمسخر‘ على عمنا فيلكس، وبين رسائل تحتوي على صورٍ
لعلم على سفح جبل
أو ربما ارتقينا قليلا عن التراسل بالواتس آب وشمرنا عن سواعدنا
.
..
...
وشاركنا الآخرين بصبغ العلم المصنوع من ســــعف النخيـــــل
وعلى الدنيا الســــــــــلام